تواصل أسعار العقار (السكن والأراضي) في لبنان، تسجيل نسب متدنية للعام الثالث على التوالي، لأسباب داخلية وخارجية، في الوقت الذي يحاول القائمون على صناعة العقار، البحث عن أسباب صعوده. ويرجّح عدد من الخبراء الإقتصاديين في لبنان، تراجع أسعار الشقق والعقارات إلى مستوى منخفض، يصل حتى حافة الإنهيار، بسبب تراجع إقبال المستثمرين الخليجيين إضافة الى تراجع الإقبال على شراء الشقق من قبل المغتربين. ويعتبر المغتربون وبدرجة أقل المستثمرون والسياح الخليجيون بالتحديد، العصب الرئيس لتفعيل عجلة الاقتصاد في البلاد، تزامناً مع عجز الشباب داخل لبنان، مالياً لشراء الشقق والعقار. وأدى تباطؤ الاقتصاد العالمي، وهبوط أسعار النفط الخام، إلى التأثير سلباً على إنفاق الخليجيين والمغتربين داخل لبنان، على مستوى الاستهلاك أو الاستثمار. وأظهرت إحصاءات مصرف لبنان، أن تحويلات المغتربين بلغت 3.61 مليارات دولار في النصف الأول من 2016، أي بانخفاض نسبته 1.9%، مقارنة مع الفترة نفسها من عام 2015. وقال خبير العقارات اللبناني روي حويس إن أسعار الشقق في لبنان بدأت الارتفاع السريع منذ العام 2007، أي بعد الحرب الاسرائيلية على لبنان في تموز 2006، وبقيت الأسعار آخذة بالإرتفاع بنسبة 100% حتى 2011. وأضاف إن عامي 2014 و2015 شهدا تراجع الأرباح القطاع العقاري، مع هبوط مبيعات الشقق إلى نحو 30%، مقارنة مع 2011، واستمر التراجع حتى اليوم. وتوقع أن تتراجع مبيعات العقار بشكل أكبر خلال النصف الأول من العام الجاري، “على أن تعاود التحسن قليلاً في الصيف بعد إجراء الانتخابات النيابية”. وبشأن الأرباح التي يجنيها المقاولون وأصحاب الشقق، فقد صعدت منذ 2006 حتى 2014 بنسبة 100%، ولكن في 2015 تراجعت الأرباح مع تراجع مبيعات الشقق بنسبة 30%. وفي محاولة لتحفيز القطاع العقاري في البلاد، بادرت المؤسسة العامة للإسكان (حكومية) منذ شهرين، إلى خفض أسعار الفائدة على قروضها الجديدة من 4.67% و5% إلى 3.25% و3.50%. ويهدف الخفض إلى تشجيع الطلب على شراء المساكن، من أجل دعم قطاع البناء وتصريف السيولة بالليرة المتراكمة لدى المصارف، فضلاً عن تخفيف حدة التململ الاجتماعي، لا سيما أن تجارة العقارات بدأت تتراجع. يقول حويس إن عدم قدرة المواطن أو المغترب اللبناني من دفع قيمة الضرائب والفوائد المتعلقة بشراء شقة ما، تدفعه للعزوف عن الموضوع واستبدال الفكرة باستئجار منزل صغير. من جهته، توقع الخبير والمحلل الإقتصادي جهاد الحكيّم انخفاضاً آخر في أسعار الشقق ابتداءً من الشهر الجاري، لتصل نسبة الهبوط إلى 40% نهاية العام 2017، مقارنة مع 2011. ويعني تراجع أسعار العقار في البلاد إلى هذه النسبة، دخول القطاع في حالة ركود كبيرة. ويعتمد حكيّم في تحليله على دراسة أعدها لسوق العقارات، “أسعار العقارات في لبنان مرتبطة بعوامل عديدة، وللتحليل والتنبؤ بأسعار السوق يجب ملاحظة عوامل أساسية منها سعر برميل النفط، إضافة الى الأوضاع الاقتصادية في الدول الأفريقية والأوروبية، بالاضافة الى أسعار المواد الأولية”. وتابع: “السوق اللبنانية تعتمد بمعظمها على العامل الخارجي، سواء كان خليجياً أو لبنانياً مغترباً.. ومع انهيار أسعار النفط تضاءل حجم الإنتاج اللبناني في الخليج، إضافة الى توجه نحو عدم الإقبال الى لبنان سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي من قبل هذه الدول، ساهم في خفض أسعار العقارات”. ويبلغ سعر برميل النفط في الوقت الحالي في حدود 56 دولاراً للبرميل، مقارنة مع 120 دولاراً منتصف 2014، ما أثر على الاقتصادات الخليجية المنتجة للنفط بأكملها. ووفق الدراسة التي أعدها وتناولت الاحصاءات بين عامي 2001 و2016، لاحظ حكيّم ترابطاً مباشراً بين تحويلات المغتربين وبين تغير أسعار النفط في العالم، مستنتجاً أنه بعد 20 شهراً من انخفاض أسعار النفط تبدأ بوادر التأثر في تحويلات المغتربين. وقال رئيس شركة “رامكو” للاستشارات العقارية رجا مكارم، في تصريحات سابقة، إن العام الماضي 2016، شهد تنفيذ عمليات بيع للعقار في بيروت، بأسعار تقل نسبتها 15 – 25%، عما كانت عليه في 2014. ولفت مكارم إلى أن التباطؤ انسحب على حركة مبيعات الشقق وعلى تصنيفاتها المختلفة في كل المناطق، رغم استمرار ضخ السيولة لتمويل عمليات الشراء للطبقة المتوسطة، بسبب قلق المواطن اللبناني من الوضع، مفضلاً عدم ترتيب ديون عليه. (الأناضول)
Share this post