إبان الأزمات الإقتصادية تزداد الطرق التي يحاول فيها الناس الحصول على مزيد من الأموال بطرق جديدة. ومنذ الأزمة الإقتصادية التي أصابت الولايات المتحدة أولاً وأرخت بظلالها على أوروبا والعالم تالياً، ظهرت عمليات التداول بالخيارات الثنائية أو ما يدعى “Binary option” ومن اسمها يمكن الاستنتاج أنها أقرب إلى عمليات التداول التي تحصل في البورصة.
وعلى مدار الأيام الماضية، دأب موقع “فاينانس فري واي” على نشر أخبار موجهة إلى القارئ العربي، تتناول هذا الموضوع تحديداً. وقد تكون صادفت أحد الأخبار التي يصرح فيها أخ رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي، طه ميقاتي، عن أحد أهم الأسباب التي استطاع من خلالها تحصيل الأموال. وهي التداول بالخيارات الثنائية.
طبعاً، هذا الخبر عار عن الصحة، إذ سرعان ما أقفل الموقع بشكل كامل، ولم يكتفِ بحذف الخبر فحسب. لكن، هناك آلاف الشركات العالمية التي تُعنى بالترويج لهذا النظام، وبعضها موجه إلى القارئ العربي.
ومن هذه الشركات، يبرز اسم “بايناري أونو” التي تهتم بشكل خاص بالقارئ العربي. وقد خصصت قسماً خاصاً باللغة العربية، مع امكانية المساعدة الفورية من خلال خدمات التراسل الفوري باللغة العربية أيضاً، رغم وجود الشركة في جزر مارشال.
هذه ليست الشركة الوحيدة التي تستهدف القارئ العربي بهدف جذبه إلى هذا النوع من الاستثمارات، بل يعج محرك البحث غوغل بهذه الشركات على غرار “بانك دي بيناري”، أو “24 اوبشيون” وغيرها. فالبحث عن الشركات التي تعمل بالتداول بالخيارات الثنائية على غوغل يصل إلى نحو 16 مليون نتيجة.
لكن، ما هو مشترك بشكل أساسي بين هذه الشركات، إضافة إلى أنها تقدم خدمات التعامل بالخيارات الثنائية، هو التحذير الذي غالباً ما يكون في آخر الصفحة الرئيسية، أو في بعض الصفحات الداخلية. إذ تشدد على أن “المتاجرة في الخيارات الثنائية والعقود مقابل الفروقات تنطوي على مستوى مرتفع من الخطورة قد لا يكون مناسباً لجميع المستثمرين. ويوجد احتمال أن تفقد كل رأس مالك المستثمر فيها. ولهذا يجب عليك ألا تستثمر أي أموال لا يمكنك تحمل خسارتها”.
من شأن تحذير كهذا أن يُهرب أي مستثمر، خصوصاً أنه معروض على الصفحة الرئيسية، إلا أن الخط الصغير جداً، إضافة إلى الإعلانات الموجهة التي تروج لهذا النوع من التعاملات بوصفها مدخلاً إلى الربح السريع. ما يسهم في “غض أنظار” المستثمرين الطامحين لتحقيق الثروة.
وبعيداً من الشركات التي تتعامل بهذا النظام، يُطرح سؤال أساسي عن ماهية التداول بالخيارات الثنائية. ويجيب الاستراتيجي في أسواق البورصة العالمية جهاد الحكيّم عن هذا التساؤل، في حديث إلى “المدن”، بأنها نوع من التداول في البورصة مرتبط بخيارين لا ثالث لهما: هل سيكون سعر الأصول (وهي غالباً عملات) أعلى من سعر معين عند انتهاء الوقت أم لا؟
وفي حال كان الخيار الذي حدده المستخدم صحيحاً يحصل المستخدم على نسبة معينة تراوح بين 70 إلى 80%، وفق الشركة التي يتعامل معها، في حين أن الخسارة تكون 100% على عاتق المستخدم حصراً، و”يخسر كل الأموال التي استثمرها”.
ربما يحاجج البعض أن العملية مشابهة بشكل كبير للتداول في البورصة، إلا أن المشكلة الأساسية التي تكمن في هذه العمليات أنها تعتمد بشكل أساسي على الحظ. إذ تتطلب عملية التداول في البورصة والأسهم بشكلها التقليدي عملية دراسة متأنية للسوق وتوجهاته. ما يتطلب وقتاً لمعرفة “حواجز الدعم” و”حواجز المقاومة” لكل سهم. أما في هذه الحالة، فإن الوقت المطلوب الذي يمكن أن يراوح بين 30 ثانية واًسبوعاً، لا يكفي لدراسة السوق بتأني. بالتالي، فإن الحظ هنا هو الذي يلعب الدور الرئيس في العملية.
يشبّه الحكيّم هذا النوع من التعاملات بلعبة الروليت. فإما أن تربح كل شيء، أو أن تخسر كل شيء. الأمر الذي لا يحصل في الحالات العادية. ففي حال شراء مبلغ معين من اليورو في التداولات اليومية، وانخفض سعر التداول، فإن المستخدم يكون قد خسر فارق السعر وبقي بحوزته المبلغ الذي اشتراه. في حين أن المستخدم في التداولات الثنائية يخسر كل الأموال الموجودة في الحساب، نظراً إلى أنه راهن بقيمة معينة على سعر محدد في هذا الوقت المحدد ولم يقم بالشراء فعلياً.
ولا ينصح الحكيّم المستخدمين باللجوء إلى هذا النوع من التعاملات، بل ينصح المستخدمين بعدم التداول في البورصة العادية ما لم يكن لديهم خبرة في حركة السوق، نظراً إلى أنها لعبة خطرة قد تؤدي إلى الخسارة.
ويؤكد الحكيّم أن كثيراً من الشركات العالمية التي تعمل في مجال التداولات ثنائية الخيارات، تسعى لاستغلال المستخدم العربي للدخول إلى هذا العالم، خصوصاً أن الفئة المستهدفة غالباً ما تكون قليلة الخبرة في مجال التداول. لذا، من الممكن أن تخسر مبالغ طائلة ضمن “حلم” تحقيق المكاسب السريعة.
واستطلعت “المدن” عاملين في مجال التداولات لمعرفة إذا ما كان هناك شركات عاملة في لبنان بهذا النظام، إلا أن أجوبتهم راوحت بين “عدم المعرفة بوجود شركات كهذه في لبنان” والتأكيد بعدم وجود هذه الشركات. لكن، ما هو أكيد أن الشركات العالمية تعمل بشكل مستمر على “توظيف” بعض الوسطاء الماليين لنشر هذه الأنظمة بهدف التعامل معها، خصوصاً أن هذا النوع من التعامل لا يرتبط بمكان جغرافي معين، ويُمكن أن يتم عبر شبكة الإنترنت.