كارثة جديدة حلّت على اللبنانين، الشبان منهم تحديداً، الذي يضعون أيديهم على خدهم ولسان حالهم يسأل بيأس غير معهود: كيف نتزوج من دون “عش زوجي”؟ الجواب لدى ثلث اللبنانيين هو “وداعا يا زواج” وأهلا براحة البال، بحسب ما أكد نقيب الوسطاء والاستشاريين العقاريين في لبنان وليد موسى في حديث صحافي.
فبين خياري “السيّء” و “الأسوأ”؛ لن يختار أحدٌ الأسوأ. لكن بحسبة بسيطة، يتبين أن هناك بقعة ضوء من رحم سوداوية الازمة، وهي تكمن في أن أسعار الشقق الى انهيار تدريجي، وقد تصل بحسب خبراء الى 65% في بعض المناطق، خاصة في عام 2020.
لكن هل سيشمل انخفاض الأسعار المتوقع العاصمة بيروت أيضاً؟ يؤكد الإستراتيجي في أسواق البورصة العالمية والشؤون الإستثمارية جهاد الحكيّم في حديث لـ”لبنان 24″أن “بيروت هي أول من يتأثر قبل أي منطقة أخرى، وخاصة في مناطق مثل فردان، الصيفي، الاشرفية وغيرها”، مضيفاً إن “الشقق التي تتراوح أسعارها ما بين 80-200 هي التي ستتأثر بشكل مباشر وملحوظ بسبب توقف قروض المؤسسة العامة للاسكان”.
وتحدث الحكيّم عن الارتباط المباشر بين ثلاثي: أسعار النفط العالمية، والودائع المصرفية لغير المقيمين، ومؤشرات الطلب على السوق العقاري، بفارق زمني 20 شهراً، شارحاً أنه: “بالرجوع الى الوراء، فإن معدل سعر النفط شهد في 2016 التراجع الاكبر؛ حين وصل الى 46 دولاراً للبرميل الواحد، لذا في لبنان، يتأثر السوق مطلع تشرين الاول 2018 بالأسعار المنخفضة في 2016، الى حين 2020.. وهكذا”.
وأشار الحكيّم الى أن “التوازن الثلاثي تدهور، أي أن الطلب على العقارات تراجع بشكل ملحوظ من قبل اللبنانيين العاملين في الخليج والمغتربين (ازمة النفط في انغولا ونيجيريا أدت الى استقطاب أقل في اليد العاملة اللبنانية) وكان المورد الثالث الذي يكمن في الطلب الداخلي هو العكاز الوحيد المتبقي كي ينهض السوق العقاري، اما الآن وقد توقفت القروض السكنية، فهذا الامر سيُسرع من انخفاض أسعار الشقق الى النصف أو أكثر”.
800 مليون ليرة للشقة الواحدة
أما عن خلفيات القرار الاخير حول وقف قروض الإسكان، يؤكد الحكيّم أن “إدارة أزمة القطاع العقاري كانت سيئة جداً، سواء من قبل المطورين العقاريين أو من الجهات المسؤولة عن رسم السياسات الاقتصادية في لبنان، خاصة بعد فرض ضرائب في العام الماضي، حيث كان الوضع الاقتصادي العام يعاني من ركود، وفي المقابل، كان من شأن عناد العقاريين في تخفيض أسعار الشقق أن يؤثر سلباً على حالة الجمود في عملية البيع والشراء، هذا عدا عن أن العشوائية في اعطاء القروض، حيث عدد لا بأس به من القروض الميسرة كانت تعطي 800 مليون ليرة للشقة الواحدة! عدا القروض الميسرة التي ذهبت إلى غير مستحقيها”.
هذا الأمر، بحسب الحكيّم “أدى الى انتهاء الكوتا الموضوعة من قبل مصرف لبنان في غير أوانها، وكان عليه أن يختار بين الدفاع عن الليرة أو العقارات، إذ إن الوضع العام لا يخول دعم الليرة والقطاع العقاري في الوقت نفسه”.
لكن ماذا لو تمت صياغة اقتراح جديد لاعادة تفعيل العمل بالقروض السكنية، هل سترتفع أسعار الشقق بعدها؟ ينفي الحكّيم هذا الامر، ويؤكد إن هذا الامر من شأنه أن يخفف من وطأة وسرعة الإنحدار فقط لا غير!
وهل يمكن ان يتحقق حلم اللبنانيين ونصل الى مرحلة ما قبل العام 2006 في العقارات، يشير الحكيّم الى أن هذا الأمر مستبعد بعض الشيء.
كما أن لانهيار السوق العقاري في حال حدوثه، بحسب الحكيّم، إيجابيات أخرى، تكمن في تشجيع المستثمرين، لان الكلفة التشغيلية وكلفة الاستثمار ستنخفض، وهذا يؤدي الى النمو في الاقتصاد، عدا عن أن التوفير في الدفعة الشهرية المتوجبة على المواطن في القروض يتيح له وفراً من شأنه أن يُصرف على أمور أخرى تصب جميعها في منفعة الاقتصاد.
ماذا يقول المطورون العقاريون؟
أما المطوّر العقاري مصطفى عيتاني، فقال في حديث مع “لبنان 24” إن لديه مبنى سكني في عرمون للبيع، لكنه لا ينوي تخفيض سعر الشقة لأنه غير مديون للمصارف، “على غرار آخرين قد يضطرون الى الرضوخ لحل تخفيض الأسعار لأنهم يعانون من ضغوطات مالية”.
ويدافع عيتاني عن المطورين العقاريين ويقول: “في حسبة بسيطة، إذا افترضنا أن العقاري قام بشراء أرض بـ1300000 ألف دولار، وكلفة البناء بلغت مليون دولار، والمبنى يتواجد فيه 20 شقة، فالنتيجة ان العقاري سيستفيد من شقتين فقط كربح، فكيف يمكن أن يخفّض من سعر الشقة أكثر؟!”.
أما عن الحل، فأصحاب العقارات والمطورين العقاريين يبحثون عنه، بحسب عيتاني.
إذاُ أصحاب العقارات بين نارين، والمواطن صاحب الدخل المحدود أسير أسعار الحيطان الأربعة، والاقتراحات لايجاد حلول مؤقتة لا تسمع، وإن سُمعت لا تنفذ، وإن نفذت فتحتاج الى أمد ليس بقريب.. ربما لا يسعنا الا القول “هارد لاك”!