ماذا يجري في القطاع العقاري؟
تأكيد على أنّ اليوم هو أفضل الأوقات لشراء الشقق
عندما يخرج احد الخبراء الاقتصاديين الدكتور جهاد الحكيّم بنظرية يقول فيها ان المواطن لم يعد بحاجة لربح جائزة اللوتو لشراء شقة في لبنان، كما في السابق، لان اسعار الشقق انخفضت في بيروت من 30 الى 35 في المئة، وعند المفاوضة يمكن ان تصل الى 45 في المئة، مشيرا الى ان سعر الشقق يحددها افضل عرض حتى ولو كان السعر لا يغطي التكلفة وليس ما يروج له المطور، فان ذلك يعني ان القطاع العقاري في لبنان يعاني من ركود لاسباب عدة.
لا بد من معرفة من يشتري عادة الشقق في لبنان. المواطن اللبناني بالطبع اولا ولكن في ظل ارتفاع القيمة الشرائية وفي ظل اعتبار ان ثلث اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر، وان نسبة البطالة تتعدى الـ 25 في المئة ولدى الشباب المؤهل اكثر من غيره لشراء الشقق الى 35 في المئة، فان هذا المواطن تراجعت ارادته في الشراء بنسب كبيرة. ثانيا اللبناني المنتشر، ولكن في ظل تراجع اسعار النفط في الاسواق العالمية وتأثير ذلك على تحاويل اللبنانيين العاملين في الخليج الى لبنان، وفي ظل تراجع اسعار العملات الافريقية وتأثير ذلك على اللبنانيين العاملين في افريقيا، فان حركة شرائهم الشقق قد تراجعت ايضا. ثالثا الخليجيون الذين كانوا يعمدون الى شراء الشقق تراجعوا عن ذلك وعرضوا شققهم للبيع بسبب الاوضاع السياسية المتغيرة في لبنان.
كل هذه العوامل ادت الى تراجع حركة مبيع العقارات في لبنان، والى تراجع انشاء الشقق حيث يقول رئيس جمعية منشئي الابنية ايلي صوما ان المطووين العقاريين وتجار الابنية باشروا بتخفيض بناء عدد شققهم من 25 الف شقة في السنة الى 15 الف شقة خلال السنوات الخمس الماضية، وان الاشخاص الذين يشترون اليوم بفضل سياسة مصرف لبنان والتسهيلات التي يقدمها من الاحتياطي الالزامي الموجود لدى المصارف لديه عبر القروض المصرفية.
واكد صوما ان عدد الشقق التي تباع بواسطة القروض المصرفية تبلغ 7 الاف شقة وهي التي تحرك السوق العقاري في البلد، لكنه نبه الى ضرورة ان يصطحب الشاري محاميا معه للتأكد من قانونية عملية الشراء، واذا لم يكن لديه محاميا فالجمعية مستعدة لتزويده بمحام من الجمعية، وذلك حرصا منها على اي عملية نصب قد يتعرض لها في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة.
وكرّر امين سر جمعية مطوري العقار في لبنان سعد فارس التذكير بالكلفة الضريبية الضخمة التي تصيب القطاع العقاري بحيث تبلغ حاليا نسبتها 30 في المئة من قيمة التطوير العقاري وهي مرشحة لتزيد الى 40 في المئة مع الضرائب المقترحة لتأمين كلفة سلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام، مشيرا الى ان هذه الاعباء تنعكس في نهاية المطاف سلبا على الراغبين في شراء وحدات سكنية، اذ تؤدي الى ارتفاع الاسعار والحؤول دون تمكن ذوي الدخل المحدود والمتوسط من الشراء.
لكن فارس يؤكد ان ملأة المطور العقاري ما تزال مقبولة على الرغم من مرور خمس الى ست سنوات يعيش القطاع العقاري في وضع غير مريح، وبالتالي فان كل مطور يعمل حسب طاقته، رغم ان اسعارالعقارات قد تراجعت خصوصا اسعار الشقق المرتفعة الثمن التي لا تجد شارين لها، كما انها تراجعت اسعارها ما بين الـ 10 الى 40 في المئة، والاسباب كثيرة هو ان اللبنانيين المنتشرين والخليجيين لم نراهم هذه الصيفية يشترون الشقق كما جرت العادة في السنوات السابقة.
وذكر فارس بأن جمعية المطورين ادت دوراً محوريا ورفعت الصوت عالياً اعتراضاً على الضرائب الجديدة كونها تطال الاقتصاد بشكل عام والقطاع العقاري بشكل خاص، وقد توافقنا مع هيئات اقتصادية اخرى في الاعتراض على هذه الضرائب، واقترحنا على رئيس الجمهورية ورئيس لجنة المال النيابية تقديم حوافز للقطاع وخصوصاً لجهة التسجيل العقاري المجاني والاعفاء من الضرائب على مدى سنتين، وقد نجحنا في التوصل الى مجموعة اجراءات حيث اقنعنا رئيس الحكومة بمناقشة تعديلات اساسية على الضرائب العقارية تتوافق مع قوانين الضرائب العقارية والضرائب على ارباح رأس المال، وقد تبنى رئيس الحكومة لجهة توحيد جهات التخمين العقاري.
ويرفض رئيس جمعية منشئي الابنية ايلي صوما القول ان القطاع العقاري يعاني ركوداً، بل يعيش هدوءاً، والبيوعات العقارية تراجعت، واصبحنا نبيع بسعر الكلفة.
لكن ان يصل بعض المطورين العقاريين الى «تكسير» اسعار الشقق لبيعها فهذا يعني ان القطاع العقاري يعاني من ركود، وفي هذا المجال يقول الخبير العقاري رجا مكارم ان «تكسير» الاسعار موجودة منذ زمن، واذا كان البعض من المطورين العقاريين من يقوم بهذا العمل، فان اغلبيتهم يعتمدون هذه الطريقة لبيع شققهم، معتبراً ان القطاع يمر بمرحلة صعبة من الجمود والركود، لكن لم نصل الى مرحلة الانهيار، والسبب في ذلك يعود الى رغبة اللبنانيين في الابقاء على سيولة موجودة في جيوبهم بدلاً من ان يشتروا الشقق في ظل هذه الضبابية وعدم الثقة.
واكد مكارم ان هذه الايام هي افضل الاوقات لشراء العقارات لان المطورين العقاريين لديهم «ستوك» لا يستهان به ويتسابقون في البي ع والتفخيضات تتجاوز الـ30 في المئة.
واعتبر مكارم ان فرض الضرائب على قطاع يعاني الركود ليست سياسة سليمة، ومما لا شك فيه فان الحلول كثيرة لتحسين وضع هذا القطاع ومنها انهاء الحرب في سوريا، وارتفاع الاسعار في البترول ومحاربة الارهاب.
ثمة من يقول ان هناك 10 الاف شقة فارغة معروضة للبيع، وعلى الرغم من التخفيضات الحاصلة في القطاع العقاري فان قلة قليلة من تجاسر وتشتري في هذه الايام وهي «ورقة يانصيب» فائزة في هذه الايام الصعبة التي يمر بها الوطن.
وفي هذا المجال يقول حاكم مصرف لبنان رياض سلامة اننا نحاول على الصعيد العقاري، الذي يشهد تباطؤ حالياً ان نفعل النظام، الذي بموجبه يستطيع المطور العقاري، سد جزء من دينه بعقارات، ولذا نحرر الاموال التي تستعمل لانهاء المشاريع وليستمر المطور العقاري في عمله، وهذا تواكبه مبادرات نقوم بها، لتبقى الفائدة على القروض السكنية مخفضة لتفعيل قطاعات اخرى تتعلق بالبناء.