بكل ثقله الاقتصادي والسياسي، يشارك لبنان، المثقل بالديون، في مؤتمر مانحيه الدولي”سيدر 1″ أو “باريس 4″، في العاصمة الفرنسية، غداً الجمعة، على أمل الحصول على مبالغ “كاش” أو تمويل مشاريع استثمارية، يستطيع معها البلد عبور مرحلة حرجة من أزمته الاقتصادية التي باتت تنذر بأزمة سيولة مرتقبة.
وسبق أن أعلنت الحكومة أنها أعدّت برنامجاً استثمارياً تصل قيمة مشاريعه الإجمالية إلى 16 مليار دولار، وستعرض مرحلته الأولى على المانحين، غدا الجمعة، في باريس، بقيمة 10.8 مليارات دولار، في حين تتراوح توقعات المراقبين بين 3 مليارات دولار حداً أدنى و7 مليارات حداً أقصى.
لكن في الإجمال، فإن أي قروض يحصل عليها لبنان اليوم من مؤتمر المانحين، مهما كانت تسهيلاتها لناحية الفوائد وآجال السداد، ما هي إلا قروض إضافية ستعمّق أعباء دينه العام الهائل الذي تجاوز، حتى الآن، عتبة 80 مليار دولار، ما ينذر لاحقاً باتباع سياسات تقشف، وفرض مزيد من الضرائب على المواطنين والشركات العاملة في لبنان.
ونقلت وكالة “الأناضول”، اليوم الخميس، عن عضو لجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه البرلمانية، النائب سامر سعادة، قوله، إن “البنك الدولي” سيعرض على لبنان قروضاً بقيمة تزيد على 3 مليارات دولار، تشمل توسيع الطرق الرئيسة وتأهيلها، لحل أزمة السير الخانقة التي يعانيها”.
شكك الخبير الاقتصادي جهاد الحكيّم في حديث إلى “العربي الجديد”، بإمكانية حصول لبنان على 21 مليار دولار، مضيفاً أن الأزمة الرئيسية في لبنان هي أزمة ثقة، خصوصاً أنه جرب على مدار السنوات الكثيرة التي مضت.
ولفت إلى أن الاستدانة من المجتمع الدولي ستزيد من الدين الخارجي، والذي يعتبر سداده تصعب السيطرة عليه، إذ تشترط هذه العملية توافر العملات الأجنبية للسداد، ما يمس استقلالية البلد في حال عدم التمكن من السداد.
ولكن الأكثر أهمية من المؤتمر والدين برأي الحكيّم، أن لبنان يفتقر إلى الشفافية والإدارة والاستراتيجية الاقتصادية الواضحة، ما يطرح علامات استفهام عن كيفية التوجه نحو الاستدانة، لافتاً إلى ضرورة القيام بإجراءات عملية على أرض الواقع لتعزيز الشفافية والإدارة.
وشدد أن الاستثمار في لبنان تشوبه عقبات عدة، أبرزها أن السلطة السياسية تضرب بالقواعد الاقتصادية عرض الحائط، فتارة تتعامل مع الاقتصاد بوصفه اقتصاداً حراً، وطوراً تسن قوانين لمنع السوق من التحكم بالأسعار، وهو ما حدث في أزمة العقارات، كما أنها عمدت إلى وضع ضرائب في حالات الركود بعكس كل النصائح الاقتصادية.
والحال، أن الاقتصاد اللبناني يعاني من أزمة لا مفر منها، ولعل “سيدر1” هو خشبة الخلاص للبنان، ولكن أي قروض أو هبات من دون إجراءات تصحيحية في البنية الاقتصادية اللبنانية، لا يعوّل عليه حسب المحللين.
حسن يحيى