لحظت موازنة 2019 خفوضات على تسجيل عقود شراء العقارات التي يعود تاريخ تنظيمها الى ما قبل نشر قانون الموازنة على اساس رسم فراغ نسبته 2% للوحدات السكنية عن الجزء الذي لا تز قيمته عن 375 مليون ليرة، و3% عن الجزء الذي تزيد قيمته عن هذا المبلغ. فهل يحرّك هذا الخفض القطاع العقاري، وما قيمة المبالغ التي يمكن أن تصبّ في خزينة الدولة من جراء هذا التدبير.
ماذا لو حصلت عملية الشراء بعد الموازنة؟
ستبقى على كما كانت عليه قبل إقرار موازنة 2019 (المادة 30
من موازنة 2018 ص 38):
– %3 على الوحدة السكنية التي تصل قيمتها لغاية 375 مليون ليرة
– 5% عن قيمة الوحدة السكنية ما فوق الـ 375 مليوناً وعلى سائر العقارات الأخرى.
كما أنه يضاف إليها 4 بالالف رسم الطابع، و1 بالالف رسم نقابة المحامين بالإضافة لبعض المصاريف الأخرى
وهذا الأمر يعتبره الإستراتيجي في شؤون الإستثمار جهاد الحكيّم مجحفاً بحق الذين ينوون شراء وحدات سكنية جديدة بعد هذا التاريخ. وإذ اعتبر أن خفض الرسوم “أمر جيد”، إلا أنه “لم يجده كافياً”. وفيما كشف أن “غالبية العقارات المرتفعة الثمن مسجلة”، لم يجد أن هذا التدبير “يمكن أن يشجع الناس على تسجيل عقاراتهم، خصوصا أن المواطنين اللبنانيين اعتادوا الإعفاءات التي يتوقع أن تُمدد وتُلحظ ايضاً في موازنة 2020”. من هنا لا يتوقع الحكيّم أن يكون لهذا الخفض “الأثر المرجو منه في ظل عدم معرفة عدد عقود البيع غير المسجلة، خصوصا أن كتاب العدل غير مربوطين مع الدوائر العقارية، لذا يستحيل تقدير الأموال التي يمكن أن تتقاضاها الخزينة من إجراء كهذا”.
لماذا يُعدّ هذا الخفض غير كاف؟ يؤكد الحكيم أنه “كان الاجدى أن تدرج المادة 29 المتعلقة بالخفوضات ضمن سلة من الإجراءات التحفيزية التي يبقى تأثيرها محدوداً جداً في ظل الإرتفاع المتزايد للفوائد الذي يحبس السيولة، ويحد من الإستثمارات التي أصبحت شبه معدومة، ويزيد البطالة فيغيب الطلب أكثر. إضافة الى أن زيادة الفوائد بشكل مستمر من شأنها أن تخفض أسعار كل الأصول ومن بينها العقارات فيحجم الناس عن الشراء بغية تحصيل أسعار أفضل في المستقبل من جهة، وطمعاً بالفوائد التي تشجع على الإقتصاد الريعي وإبقاء الودائع في المصارف من جهة أخرى”.
ثمة شكوى من القيمة التأجيرية التي تضعها وزارة المال على العقارات، فهل يمكن أن تحد من عمليات الشراء أو التسجيل؟ يؤكد الحكيم أن “ليس لهذا الامر أي تأثير يذكر”، مستندا برأيه الى أن “قانون موازنة 2018 لحظ خطوة جيدة جدا لجهة تعديل تنزيل سكن المالك الذي يُحسم من القيمة التأجيرية للشقق المسكونة، من 6 ملايين إلى 20 مليون ليرة، وتاليا إذا كانت القيمة التأجيرية للشقة المأهولة لا تناهز قيمتها الـ 20 مليون ليرة فلا تخضع لضريبة الأملاك المبنية، وتاليا فإن 14 مليون ليرة إضافية (20 ناقص 6 ملايين) لا تخضع للضريبة”. لكن ذلك لا ينفي وفق ما يقول “ضرورة إعادة التخمين على أساس الاسعار الحالية التي انخفضت أقله 40% عن الأسعار التي كانت رائجة في فترة الذروة سنة 2011”. ويقترح “توحيد التخمين واحتسابه بطريقة أفضل، وتفعيل لجنة الاعتراضات في حال كانت هناك شكاوى موجبة، علماً أن التصنيفات المناطقية أصبحت أفضل مما كانت عليه”. أما الأسباب التي تحد من عملية الشراء فقد باتت معروفة وهي “الفائدة المرتفعة، وتردّي الوضع الاقتصادي عموما وغياب الطلب من المغتربين والخليجيين من جراء انهيار أسعار النفط”.